يقدّم المحلل السياسي عبدالعزيز غَدف في دراسته «أزمة متصاعدة: ارتفاع موجة هجرة الشباب والاتجار بالبشر في الصومال» واحداً من أكثر التحليلات إلحاحاً حول العوامل التي تدفع الشباب الصومالي إلى طرق هجرة بالغة الخطورة، والشبكات الإجرامية العابرة للحدود التي تستغل هشاشتهم. 
وتكمن القيمة الأساسية للدراسة التي نشرها "معهد شرق أفريقيا للسلام والحوكمة" في قدرتها على وضع موجة الهجرة الحالية ضمن سياق ممتد من عدم الاستقرار السياسي، والتدهور الاقتصادي، وانعدام الأمن منذ تسعينيات القرن الماضي، مع تسليط الضوء في الوقت ذاته على شبكات تهريب جديدة أكثر تنظيماً تمتد من القرن الإفريقي إلى شمال إفريقيا وأوروبا. ويقدّم غدف أمثلة واقعية مؤثرة، مثل مغادرة عشرات الشباب من حي شبيس في مقديشو سراً خلال أكتوبر 2025، مما يمنح الظاهرة بُعداً إنسانياً مباشراً.
نقاط قوة الدراسة
من أبرز جوانب القوة في الدراسة هو رسمها التفصيلي لطرق التهريب الحديثة، التي باتت أكثر تشعباً وتعقيداً من ذي قبل. إذ يحدد الباحث مسارات تمر عبر إثيوبيا ونيجيريا ومصر وتركيا وليبيا، موضحاً كيف تتعاون شبكات التهريب الإقليمية مع جماعات إجرامية مثل عصابة "مغافي" الليبية سيئة الصيت. وتكشف هذه المقاربة أن أزمة الهجرة الصومالية ليست مشكلة محلية فقط، بل جزء من اقتصاد إجرامي عابر للحدود.
كما توثق الدراسة المخاطر الهائلة التي تواجه المهاجرين، بدءاً من الصراع الداخلي والعنف في الصومال، مروراً بالاختطاف والابتزاز وسوء المعاملة في دول العبور، وصولاً إلى الغرق الجماعي في البحر المتوسط. ويستند الباحث إلى بيانات من المنظمة الدولية للهجرة لتأكيد حجم الكارثة الإنسانية.
وتختتم الدراسة بتوصيات مهمة تركّز على إصلاح مؤسسات الدولة، وتعزيز التعاون الإقليمي، وتشديد الرقابة الحدودية، وتنفيذ حملات توعية للشباب—وهي توصيات قابلة للتنفيذ وملائمة للمعايير الدولية.
ملاحظات تُغني الدراسة مستقبلاً
رغم غنى الدراسة، إلا أن بعض الجوانب كان يمكن التعمق فيها، مثل:
• الأسباب الاقتصادية البنيوية التي تجعل الشباب بلا بدائل حقيقية.

