كينيا (بوابة إفريقيا) 25 ديسمبر 2025 في مختلف أنحاء كينيا، ما تزال إيقاعات الطبول، وألوان الأزياء التقليدية، وسرد الحكايات الموروثة تؤكد أن الثقافة تظل القلب النابض لهوية المجتمعات. فمن الساحل إلى المرتفعات، مرورًا بمناطق البحيرات، تحولت احتفالات التراث الثقافي من مناسبات احتفالية عابرة إلى تعبيرات حية عن التاريخ والانتماء والاستمرارية.
وفي ظل مجتمع يتسارع فيه التحديث وتتسع فيه دوائر العولمة، تبرز هذه الفعاليات أهمية الإثنوغرافيا في صون التقاليد المميزة التي تشكّل نسيج المجتمعات الكينية المتعددة. فالإثنوغرافيا، بوصفها دراسة وتوثيقًا لثقافات الناس وعاداتهم ولغاتهم وممارساتهم الاجتماعية، تؤدي دورًا محوريًا في حماية التراث من التآكل.
ومن خلال المهرجانات والطقوس والموسيقى والرقص والروايات الشفوية، لا تكتفي المجتمعات بالاحتفال، بل توثّق ذاتها وتنقل معرفتها إلى الأجيال القادمة. فكل احتفال يتحول إلى أرشيف ثقافي حي، يحفظ القيم والبنى الاجتماعية والرؤى الكونية التي قد تندثر مع الزمن والتحولات الاجتماعية.
ويعكس التقويم الثقافي الكيني هذا التنوع الواسع، إذ تحيي كل جماعة هويتها بأسلوبها الخاص، سواء عبر مهرجانات الحصاد، أو طقوس العبور، أو الأيام الثقافية السنوية التي تجمع الشيوخ والشباب وأبناء الشتات. ولا تقتصر هذه الفعاليات على الفخر بالهوية، بل تشكّل منصات للتعليم والحوار وتعزيز الوحدة، وتذكّر الأجيال الصاعدة بجذورها، مع فتح فضاءات ثقافية للتفاعل مع مجتمعات أخرى.
وقد باتت القيادة الوطنية أكثر إدراكًا للأهمية الرمزية والعملية لهذه الاحتفالات. فقد حرص الرئيس وليام روتو في السنوات الأخيرة على حضور مهرجانات ثقافية في مناطق مختلفة، تأكيدًا على أن الثقافة رصيد وطني جامع، لا علامة انقسام. وقال في أكثر من مناسبة إن “تنوعنا الثقافي رمز قوي لهويتنا الوطنية”، معتبرًا أن تقاليد كينيا المتعددة تعكس الصمود والإبداع والقيم المشتركة. ومن خلال مشاركته في الاحتفالات المجتمعية، شدد روتو على أن احترام الثقافة يعزز التماسك الوطني ويصون كرامة كل مجتمع داخل الدولة.
من جهته، ظل رئيس مجلس الوزراء موساليا مودفادي صوتًا بارزًا في الدفاع عن قيمة التراث الثقافي والإثنوغرافيا، مؤكدًا أن الثقافة كيان حي متجذر في التاريخ وقابل للتطور مع الزمن. ويرى مودافادي أن فهم الأسس الثقافية يمنح المجتمعات ثقة أكبر في التعامل مع الحداثة دون فقدان هويتها، مشيرًا إلى أن الاحتفال بالثقافة هو تكريم للأجداد وتعليم للأبناء وتعزيز للوحدة الوطنية في آن واحد.


