في مقال رأي لافت نشرته صحيفة جيروزالم بوست، يقدّم الكاتب هابتوم غبريزغيابهر قراءة نقدية حادة لقرار إسرائيل الاعتراف بإقليم صوماليلاند كدولة مستقلة، واصفًا الخطوة بأنها خطأ استراتيجي يحمل مخاطر تفوق بكثير أي مكاسب محتملة. فبدل أن يعزّز الاستقرار أو يخدم المصالح الإسرائيلية في القرن الإفريقي والبحر الأحمر، يرى الكاتب أن القرار قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات الداخلية في صوماليلاند، وتأجيج التوترات الإقليمية، وتوفير مادة دعائية للجماعات المتطرفة، فضلًا عن عزل إسرائيل دبلوماسيًا.
يشير المقال في بدايته إلى أن تفهم دوافع صوماليلاند للبحث عن اعتراف دولي لا يبرر استعجال إسرائيل. فالإقليم، الذي يقدّم نفسه منذ أكثر من ثلاثة عقود كنموذج أكثر استقرارًا مقارنة ببقية الصومال، يعاني في الواقع من تركيبة داخلية شديدة التعقيد، تحكمها الهويات القبلية وصراعات النفوذ على الأرض. ويخلص الكاتب إلى أن «أي مكاسب استراتيجية لإسرائيل لا تُقارن بحجم المخاطر التي تترتب على هذا الاعتراف».
من حيث المبدأ، يعترف المقال بأن صوماليلاند تملك حججًا أخلاقية وسياسية للمطالبة بالاعتراف، خاصة في ظل فشل الدولة الصومالية، بصيغتها التي رسمتها الحدود الاستعمارية، في توفير الأمن والتنمية والشرعية السياسية. إلا أن الكاتب يشدد على أن التوقيت والجهة التي بادرت بالاعتراف يجعلان من الخطوة عامل إضعاف بدلًا من أن تكون عنصر دعم. ويقتبس هنا عبارة مركزية:
«الاعتراف الإسرائيلي لا يقوّي صوماليلاند، بل يزيد من هشاشتها».
يركّز المقال بشكل خاص على البعد القبلي بوصفه مفتاح فهم ما قد يحدث لاحقًا. فقبيلة إسحاق تهيمن على المراكز الحضرية الرئيسية مثل هرجيسا وبربرة وبورعو، بينما تبقى مناطق الشرق – خاصة سول وسناج – موالية للحكومة الفيدرالية الصومالية. ويذكّر الكاتب بأن اعتراف مقديشو بإدارة SSC-خاتمو (لاحقا ولاية شمال شرق الصومال) كولاية فدرالية جديدة قلّص فعليًا المساحة التي تسيطر عليها صوماليلاند، ما أضعف ادعاءها بالاستقلال. وفي هذا السياق، يحذّر من أن «الاعتراف الإسرائيلي سيشعل الصراعات في المناطق المتنازع عليها بدل أن يحسمها».
ولا يقتصر الخطر على الشرق فقط، إذ يشير المقال إلى الشمال الغربي، حيث تتمركز قبيلة عيسى ذات الروابط القوية مع جيبوتي، والتي غالبًا ما تعارض سلطة هرجيسا. ومع دخول إسرائيل على الخط، يتوقع الكاتب تصاعد مقاومة هذه القوى المحلية، مدعومة هذه المرة بحسابات إقليمية ودولية تشمل تركيا والصين وجيبوتي. ويقتبس الكاتب تحذيرًا واضحًا:
«هذه الديناميكيات تهدد وحدة صوماليلاند وسلطتها المركزية».
أحد أخطر جوانب القرار، بحسب المقال، هو تأثيره على البيئة الأمنية. إذ يمنح الاعتراف الإسرائيلي حركة الشباب مادة دعائية ثمينة، يمكن توظيفها عبر خطاب “التدخل الصهيوني” و”خيانة القضية الفلسطينية”. ويشير الكاتب إلى أن معاداة إسرائيل لطالما كانت مدخلًا سهلًا للجماعات المتطرفة لاكتساب الشرعية والتجنيد، معتبرًا أن الخطوة قد تعزز الروابط بين حركة الشباب وكل من الحوثيين وإيران وبعض الأطراف الإقليمية المناوئة.




