22 ديسمبر 2025 في عام 2025، لم يتشكل الاقتصاد العالمي بفعل قوى السوق غير المرئية بقدر ما تشكّل بقرارات أفراد نافذين، تركت اختياراتهم آثارًا عابرة للحدود والقطاعات وحياة الأسر.
من واشنطن إلى بكين وعواصم أوروبا السياسية، أعاد قادة وصنّاع سياسات تعريف قواعد التجارة وتدفقات الاستثمار ومستويات الثقة الاقتصادية، محدّدين ملامح عالم لا يزال يبحث عن الاستقرار وهو يتجه نحو عام 2026.
قليلون هم من طغى حضورهم على المشهد الاقتصادي العالمي بقدر الرئيس الأمريكي دونالد جي. ترامب. فقد أدّت إعادة تشكيله الصارمة للسياسة التجارية الأمريكية، المرتكزة على فرض رسوم جمركية مرتفعة على شركاء تجاريين رئيسيين، إلى إحياء حروب تجارية وإجبار اقتصادات حول العالم على إعادة التفكير في علاقتها بأكبر سوق استهلاكية في العالم.
وقد رفعت سياسة الرسوم الجمركية متوسط الضرائب على الواردات الأمريكية بشكل حاد، ما أعاد ملف التجارة إلى صدارة الجدل الاقتصادي العالمي. وسارعت دول أوروبا والمملكة المتحدة وأفريقيا واليابان إلى إعادة التفاوض مع واشنطن، بينما ظلّت المحادثات مع الصين دون حسم، ما أطال أمد حالة عدم اليقين.
ولم يقتصر الأثر على التوتر الدبلوماسي فحسب. إذ ضخّت سياسات ترامب تقلبات في الأسواق العالمية، وأربكت سلاسل الإمداد، وأجّلت قرارات استثمارية مهمة. كما أضافت الطعون القانونية حول صلاحيات فرض الرسوم، والمتوقع أن يصل بعضها إلى المحكمة العليا الأمريكية، طبقة جديدة من عدم القدرة على التنبؤ. ويحذّر اقتصاديون من أن استمرار هذه الحالة في 2026 قد يضغط على النمو العالمي، بينما يرى آخرون أن أي تخفيف للرسوم قد يعيد الثقة سريعًا ويرفع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال العامين المقبلين.
وبينما كانت واشنطن تُربك قواعد التجارة العالمية، اتبع الرئيس الصيني شي جين بينغ استراتيجية اقتصادية أكثر هدوءًا لكنها لا تقل أثرًا. فمع تصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، ضاعفت الصين جهودها للتموضع طويل الأمد عبر تعزيز سلاسل الإمداد، وتوسيع الاستثمارات الخارجية، والحفاظ على زخم مبادرات كبرى مثل «الحزام والطريق». وأسهم استمرار انخراط الصين مع أفريقيا والأسواق الناشئة في تثبيت حركة التجارة والاستثمار في البنية التحتية خلال فترة اتسمت باضطراب عالمي.
وقد خفّفت المرونة النسبية للاقتصاد الصيني في 2025 من بعض الصدمات الناجمة عن الحمائية الأمريكية. كما ضمنت تحركات بكين المستمرة بقاءها لاعبًا محوريًا في التخطيط الصناعي العالمي واستراتيجيات الاستثمار. ومع التطلع إلى 2026، يرى محللون خطر تشكّل كتل تجارية أكثر انقسامًا مع سلوك الصين والولايات المتحدة مسارات اقتصادية متباينة. غير أن هذا التحول قد يفتح فرصًا أمام الاقتصادات الأفريقية للاندماج في سلاسل إمداد متنوعة وجذب أشكال جديدة من الاستثمار.
أما أوروبا، فوجدت نفسها تسير على حافة ضيقة بين قوى عالمية متنافسة. وفي أنحاء القارة، دفع قادة سياسيون، لا سيما في ألمانيا، نحو دور أوروبي أكثر حزمًا في الحوكمة والاستراتيجية الاقتصادية العالمية. وحملت استجابة أوروبا للرسوم الأمريكية وزنًا كبيرًا نظرًا للقوة الاقتصادية المجمّعة للاتحاد. وأسهمت قرارات المجلس الأوروبي بشأن الرد التجاري والإنفاق الدفاعي وأولويات الاستثمار في توجيه الثقة العالمية وتخطيط سلاسل الإمداد طوال عام 2025.
ومع اقتراب 2026، قد تبرز أوروبا كمركز بديل للقيادة الاقتصادية إذا استمرت التوترات بين واشنطن وبروكسل. كما قد ترسم الاستثمارات الاستراتيجية في التكنولوجيا الخضراء وصناعات الدفاع والتنظيم الرقمي مسار النمو طويل الأمد للقارة، مع التأثير في المعايير العالمية.
داخل الولايات المتحدة، برزت في 2025 شخصية مؤثرة أخرى أقل ظهورًا إعلاميًا: وزير الخزانة سكوت بيسنت. إذ جمع بين مصداقية الأسواق والاصطفاف السياسي الواضح، ممثلًا خروجًا عن نموذج القيادة التكنوقراطية التقليدية لوزارة الخزانة. وأشارت أدواره إلى تحول في تقاطع السياسة الاقتصادية مع السياسة الداخلية، وهو تطور راقبه المستثمرون والشركاء العالميون عن كثب.

