كشف الاجتماع الطارئ الذي عُقد الليلة الماضية في مكتب الرئيس بـ«فيلا صوماليا» عن تصدّع سياسي متنامٍ في مقديشو، لا يتعلق بجوهر السياسة الخارجية بقدر ما يكشف عن طريقة التعامل مع لحظة وطنية شديدة الحساسية وتوظيفها في الصراع السياسي الداخلي.
ففي الوقت الذي تواجه فيه الصومال تحديًا خارجيًا خطيرًا، يتمثل في اعتراف إسرائيل بإقليم صوماليلاند كدولة مستقلة، بدت المعارضة المتمركزة في مقديشو وكأنها تستثمر هذه الأزمة للدفع بأجندتها الانتخابية. وبدل التعامل مع التطور بوصفه مسألة سيادة تستدعي تماسكًا وطنيًا، أعادت المعارضة صياغة القضية من زاوية الشرعية السياسية والمسار الانتخابي المختلف عليه.
وتكمن خطورة هذا الطرح في أنه يتجاهل منطق الدولة في أوقات الضغط الخارجي، حيث يُفترض أن تتجه الجهود نحو تعزيز الجبهة الداخلية. غير أن خطاب المعارضة حوّل الأنظار إلى الداخل، وقدّم الأزمة، بشكل غير مباشر، كدليل إضافي على فشل الحكم واختلال الإدارة، محولًا تحديًا خارجيًا إلى أداة لتعزيز سردية سياسية قديمة حول الانتخابات والسلطة وتقاسم النفوذ.
ويعكس البيان الذي أصدرته المعارضة عقب اجتماع «فيلا صوماليا» هذا التوجّه بوضوح، إذ دعا الفاعلين السياسيين إلى تجاوز المصالح الفئوية، مطالبًا «جميع المؤسسات الوطنية والقادة باتخاذ إجراءات حازمة ومسؤولة لمعالجة الأسباب الجذرية للتشظي السياسي». وهذه اللغة ليست عفوية، بل تعبّر عن إطار يُعاد من خلاله توظيف الأزمة الوطنية في سياق الجدل السياسي الداخلي.
ومضى البيان أبعد من ذلك حين حذّر من «السرديات المضللة التي تسعى إلى إضعاف التماسك الوطني عبر استغلال سياسي غير مسؤول»، داعيًا في الوقت ذاته إلى تعزيز دور مؤسسات الدولة الشرعية في الدفاع عن استقلال البلاد وتوجيهها في هذه المرحلة الحساسة.


